الاحتيال المالي
متى تكون المسؤول عن جرائم الاحتيال المالي؟
ستفكر ألف مرة قبل أن تعطي أي معلومة شخصية لأي شخص كان بعد أن تقرأ هذا المقال، الكثير من الأشخاص ندموا على إعطاء معلومات ظنوا أنها بسيطة لأشخاص اعتقدوا أنهم محل ثقة، ليكتشفوا فيما بعد أنهم محتالين هدفهم جمع الثروة بطرق ملتوية.
تكثر جرائم الاحتيال المالي بأساليبها المختلفة يومياً وتزداد خطورتها مع مرور الوقت، وتجدد الأساليب التي تتطور مع تطور التقنيات وتقدم التكنولوجيا، مما جعل الحكومات تسعى لمحاربة هذه الظاهرة التي يبدو أنه من المستحيل القضاء عليها تماماً.
وقد كان لدول الخليج نصيباً وافراً من جرائم الاحتيال المالي، فكان لا بد من محاربتها وتكاتف مختلف القطاعات للوقوف بوجه الاحتيال المالي بكافة اشكاله، وبالفعل نجحت بتقليص جرائم الاحتيال المالي ونشر التوعية بين المواطنين لعدم الوقوع ضحية خداع مرتكبيها.
ومن أكثر الدول التي استهدفها المحتالين المملكة العربية السعودية، حيث هددت جريمة الاحتيال المالي المجتمع السعودي وأمنه المالي، فكان لا بد للمشرع السعودي من سن قانون يجرّم الفعل الذي يلحق الضرر بالوطن والمواطن ويهدد المصلحة العامة، ووضع العقوبة الللازمة لردع هذا السلوك من خلال نظام مكافحة الاحتيال المالي وخيانة الأمانة بالمرسوم الملكي رقم م/97 في 10/9/1442هـ ، حيث نص في مادته الأولى على: “يُعاقب بالسجن مدة لا تتجاوز (سبع) سنوات، وبغرامة مالية لا تزيد عن (خمسة) ملايين ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين؛ كل من استولى على مال للغير دون وجه حق بارتكابه فعلاً أو أكثر ينطوي على استخدام أي من طرق الاحتيال، بما فيها الكذب، أو الخداع، أو الإيهام”.
ماهو الاحتيال المالي؟
تعددت تعاريف الاحتيال ولكنها اشتركت بمعنى واحد يصب في كونه السعي وراء المنفعة عن طريق استخدام وسائل مختلفة للخداع مما يسبب بخسارة الطرف الذي تم الاحتيال عليه،
ويعرف الاحتيال في المراجع المختلفة بأنه التحريف المقصود للحقيقة والواقع لإغراء أحدهم بالتنازل عن شيء ذي قيمة أو حق قانوني.
للاحتيال المالي أساليب لا يمكن حصرها وهي متجددة بشكل يصعب تصوره، وفي الفترة الأخيرة كثرت جرائم الاحتيال المالي الالكتروني حيث يستخدم الجاني الحاسب الآلي لوضع يده على مال الغير بشكل غير مشروع.
وتعدد الأساليب انعكس على تعدد أنواع الاحتيال المالي التي اختلفت باختلاف الأساليب والطرق المتبعة من قبل المحتالين والتي كثرت بطريقة لا يمكن معها تعداد الطرق والانواع والأساليب فهي تبدأ من الاحتيال بالهاتف إلى الرسائل النصية ومنها إلى المواقع المزيفة والصفحات المفبركة والجوائز الوهمية… الخ، وقد أبدع المحتالون باختراع أساليب وابتكار طرق لا تخطر على بال أحد، لذلك لا بد من التسلح بالوعي وعدم إفشاء أي معلومات تساعد باختراق حساباتنا البنكية أو الوصول لها.
أركان جريمة الاحتيال المالي:
ومن المعروف أنه لتجريم أي فعل لا بد من توافر أركان محددة، فمتى يشكل الفعل جريمة احتيال؟
بحسب المذكور أعلاه نجد أنه يوجد نص شرعي قانوني يجرّم الفعل يتمثل بنظام الاحتيال المالي واللائحة التنفيذية له وهذا هو الركن الأول، ولتحقق الجريمة لا بد من ارتكاب الجاني لفعل الخداع والاحتيال (الركن المادي)، بقصد الاستيلاء على مال الغير (الركن المعنوي)، مما يعطي الحق بمساءلة الجاني وإحقاق العقوبة منه للاقتصاص منه قانوناً وإعادة الحقوق لأصحابها، علّ العقوبة تردع مرتكبي جريمة الاحتيال المالي وتحمي المجتمع وتحافظ على أمنه واستقراره.
شكاوى الاحتيال المالي واجراءات الحد من الظاهرة:
ولكن هذا لا يلغي أهمية الإجراءات التي اتخذتها البنوك لمكافحة الاحتيال المالي وللحد من الجريمة وانتشارها، وخاصة أن أساليب الاحتيال الحديثة تستهدف البنوك حيث يلجأ المحتال لانتحال شخصية موظف عام ويحصل على بيانات ومعلومات العميل، مما يسهل ارتكاب جريمة الاحتيال بحقه عبر الولوج لحسابه المصرفي واستخدامه بسهولة، فقد اضطرت البنوك لتلغي فتح الحسابات عن بعد وتحديد مبالغ التحويلات اليومية في الحسابات، وهذه الإجراءات هدفها حماية العميل من التعرض للخداع مما قد يؤدي لخسارة أمواله.
وليس نظام الاحتيال المالي واللائحة التنفيذية المتعلقة بهم أو حتى الاجراءات التي اتخذتها البنوك كافية للحد من ظاهرة الاحتيال المالي، لذلك أتاحت هيئة الاتصالات في المملكة العربية السعودية رقم موحد ومخصص لكل ما يتعلق بشكاوى الاحتيال المالي وهو: 330330.
كما يمكن اتباع طرق الإبلاغ عن عن النصب والاحتيال في المملكة العربية السعودية من خلال الرقم: 1900 للتبليغ عن الاحتيال المالي.
وبذلك تكون خدمة شكاوى الاحتيال المالي وسيلة لتسهيل ملاحقة هذه الشكاوى وتطبيق نظام مكافحة الاحتيال المالي، مما يساهم بالحد من هذه الجرائم ويمكن الوحدات الخاصة التي أنشأتها النيابة العامة في السعودية (وحدات الاحتيال المالي) من التصدي بشكل فعّال لمرتكبي جرائم الاحتيال المالي والسماح للقانون بأخذ مجراه.
ومن الطرق التي يستخدمها المحتالون هي نشر إعلاناتهم في المواقع المشهورة، واستدراج ضحاياهم عبر هذه الإعلانات البراقة التي تدعي إمكانية الربح السهل وجني الاموال بسرعة، أو تلك التي تعرض سلع بهدف البيع وتجعل المواطن يقوم بتحويل قيمة السلع إلى احد الحسابات، ويكون هدفها الوصول لحساب المواطن السعودي البنكي واستخدامه لتحقيق مكاسب ومنافع خاصة للمرتكب الاحتيال.
توجد الكثير من الإحصائيات التي توضح ازدياد ضحايا جريمة الاحتيال المالي، والمبالغ التي تجنيها عصابات المحتالين، ونشر الوعي بين المواطنين من أهم الطرق التي ساعدت في الحد من هذه الجرائم، وذلك عبر تحذيرهم من الوثوق بالمواقع الالكترونية أو أي شخص يطلب بياناتهم المصرفية قبل التأكد من الموقع أو الشخص بشكل لا يمكن بعدها الشك بنوايا طالب المعلومات.
وباختصار لتجنب الوقوع ضحية لجريمة الاحتيال المالي لا بد لأي شخص تجنب التعامل مع أي موقع يطلب تفعيل خاصية الشراء عبر الأنترنت إلا إذا كان الموقع موثوق مئة في المئة، ويجب إدراك مدى سرية البطاقات والحسابات البنكية والإبلاغ عن أي إعلان أو اتصال مشكوك بأمره لمساعدة الحكومات في الحد من جرائم الاحتيال المالي.
فالوعي هو السلاح الأكثر فعالية في مواجهة جرائم الاحتيال المالي، وهو الطريقة المثلى لمساعدة الحكومات بتحقيق الأمن والاستقرار في المجتمع وتطبيق العقوبات لمن يخل بهذا الأمن.
اقرأ أيضا : الابتزاز