ترويج المخدرات
من المسؤول عن زيادة حالات تعاطي المخدرات؟ وكيف يمكن الحد من هذه الظاهرة وحماية المجتمع منها؟
لا شك أن المخدرات سم ينتشر بين أفراد المجتمع، وانتشار هذه الظاهرة يقلق الحكومات والدول، فما من دولة تستشعر انتشار المخدرات بين المواطنين إلا وتعلن حالة الطوارئ، حرصاً منها على مواطنيها وأمنها وسلامها واستقرارها، ولطالما كان القانون الخطوة الأولى للحد من هذه الظاهرة.
ولتصل المخدرات إلى دولة ما لا بد لنا أن نعرف أنها مرت بمراحل كثيرة وشارك بهذه العملية الكثير من الناس، ابتداء بالمزارعين إلى المنتجين والناقلين وممولين والتجار والمروجين انتهاء بسوق المتعاطين والمدمنين، ومن المعروف أن عملية الاتجار بالمخدرات وترويجها وتصنيعها تزيد من الفساد وجرائم غسل الأموال، فالضرر لا ينصب فقط على المواطنين وإنما يمتد للإضرار بالمجتمع والوضع الاقتصادي والأمني.
فمن بعمل بمجال المخدرات يحرص على انتقاء سوق يحقق له أرباح هائلة، وتكون الدول الغنية والمتقدمة هدف مغري لصناع المخدرات وتجارها، وهذا ما أدى لانتشار المخدرات في المملكة العربية السعودية، التي تنبهت للخطر المحدق بها والذي يهدد أمنها ومجتمعها فقامت بسن نظام مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية، حيث شددت العقوبة وأحاطت بجميع الحالات حرصاً منها على الحد من انتشار المخدرات في المملكة، وحرصت على أن تكون العقوبة الأشد لمروجي المخدرات كونهم الأخطر على المجتمع وهم من جعلوا السعودية سوق للمواد المخدرة فاستهدفوها بعملياتهم ونشروا المخدرات في المجتمع.
ولكن ماهي المادة المخدرة التي منعها المشرع السعودي قانوناً؟
عرفت المادة الأولى من نظام مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية المواد المخدرة بأنها ” كل مادة طبيعية أو مركبة أو مصنعة من المواد المخدرة المدرجة في الجدول رقم ( 1 ) المرافق لهذا النظام”، وأرفق مع النظام جدول بجميع المواد المخدرة حرصاً على عدم وجود أي ثغرة لأي مادة من المواد إذا ما تم الاكتفاء بالتعريف دون التعداد.
سمح المشرع بحيازة المخدرات إذا ما تم الترخيص للشخص بحملها لأسباب يسمح بها القانون (كالضرورات الطبية)، وأدار عملية منح التراخيص بسلسلة محكمة من الإجراءات التي منعت التلاعب بمنح مثل هذه التراخيص لأي كان، وفي غير تلك الحالات الاستثنائية فإن مجرد حيازة المخدرات جريمة يعاقب عليها القانون.
وإذا ما تم التأكد أن حيازة المخدرات بهدف الترويج والتسويق وتصريفها تطبق أقسى العقوبات بحق المروج، وهذا أمر جلي كون المسؤول الأكبر عن انتشار هذه الظاهرة هو المروج، فهو يدمر مجتمع ليجمع ثروة دون أي إحساس بالذنب لخطورة انتشار المخدرات في أي مجتمع.
ونجد أن المادتين 37 و38 في نظام مكافحة المواد المخدرة والمؤثرات العقلية شددت العقوبة لمن يقوم بتهريب المخدرات وصنعها وجلبها واستيرادها وترويجها حتى تشددت بالعقوبة من السجن مدى الحياة إلى القتل (الإعدام).
وكعادة المشرع السعودي في قوانينه أحاط في نظام مكافحة المخدرات بكل الحالات وتدرج بالعقوبة ففعل الترويج لأول مرة تختلف عقوبته فيما لو تكرر، وكذلك الأمر بالنسبة للتعاطي التي تكون عقوبتها اخف عموماً من عقوبة الترويج.
أقصى عقوبة يتلقاها المروج كما قلنا سابقاً هي السجن لفترة طويلة أو القتل نظراً لخطورة المروج وجسامة أفعاله وتأثيرها على المجتمع بأكمله، إذاً كيف تدرج المشرع السعودي بالعقوبة؟
نص نظام مكافحة المخدرات في المملكة العربية السعودية على العقوبات لكل من يعثر عليه وبحوزته مواد مخدرة، وشدد العقوبة للمروج ولكنه أخذ بعين الاعتبار حالة الترويج للمرة الأولى حيث خفف مدة السجن فلم يجعلها مدى الحياة ولكنه جعل العقوبة السجن لمدة 15 عام، لا بد أن هذه المدة ليست بالقليلة، ولكنها تقل عن عقوبة الترويج للمرة الثانية التي يعاقب عليها بالإعدام وهذا ما اكدت عليه المادة 37 من نظام مكافحة المخدرات.
إن مسؤولية حماية المجتمع من الفساد والشرور مسؤولية عظيمة تقع على عاتق كل الجهات المختصة، وقد أخذت المملكة العربية السعودية هذه المسؤولية على محمل الجد وحاربت بكل قوتها كل ما يهدد أمن المجتمع واستقراره، وتشديد العقوبة ما هو إلا للحرص على أن يكون القانون والعقوبة هو الرادع أمام كل من يخطط للعمل في المخدرات وصنع ثروة منها، فلا يمكن أن يرجى ممن ينشر المخدرات ويروج لها أن يكون له رادع أخلاقي ومن غير المنطقي أن تكون عقوبته كعقوبة جرم عادي، لأن المخدرات ضررها لا يقع على فرد وإنما يقع على مجتمع كامل بكافة جوانبه، وبالفعل هذه العقوبات والإجراءات مكنت المملكة العربية السعودية من الحد إلى حد ما من انتشار المخدرات، ولك تكتف بالقانون والعقوبة فقط وإنما تم تنظيم الكثير من الحملات التوعوية التي ساعدت في زيادة وعي الناس تجاه هذه الظاهرة.