التشهير

بابل

التشهير

هل قيل فيك ما ليس فيك؟ أو انتشر عنك خبر لا يمت للواقع بصلة بهدف تشويه سمعتك؟ هل تسببت الأقاويل بالضرر لك او بأحد من معارفك؟ إذا كان جوابك نعم فقد تعرضت للتشهير، وإذا لم تكن قد تعرضت فلا بد أنك شهدت على ارتكاب جريمة التشهير على مواقع التواصل الاجتماعي أو سمعت بها.

للأسف يتعرض الكثيرون لانتشار الأقاويل عنهم بهدف تشويه صورتهم والإساءة لهم، وقد يسبب ذلك ضرراً كبيراً للأشخاص ليس فقط ضرر نفسي فقد يمتد ليشمل الضرر المادي، وخاصة أن طرق التشهير وتشويه السمعة توسعت وكثرت مع تطور التكنولوجيا وامتلاك القدرة على الاختراق والقرصنة.

التشهير بالناس مؤذي ويشوه العلاقات في المجتمع، حيث تنتهك خصوصية الأشخاص وتضر بسمعتهم وتؤذيهم، وهذا ما جعل الدول تجرم التشهير وتكافحه قانوناً للحد منه وحماية المواطنين وسمعتهم وخصوصيتهم من أي انتهاك، ولذلك على كل شخص يتعرض للتشهير أن يتجه للقضاء ويسعى لاستعادة حقوقه دون أن يخاف من المواجهة.

فالكثير من مرتكبي التشهير تسول لهم نفسهم الابتزاز والتمادي بالتشهير للوصول إلى مآرب خاصة، أو لمجرد إلحاق الأذى بشخص ما للانتقام منه، وفي جميع الأحوال فإن خطورة التشهير جعلته جريمة تستحق عقوبة السجن في المملكة العربية السعودية، حيث سن المشرع قانون صارم ضد التشهير وما قد يرفق به من جرائم كالقدح والذم والابتزاز.

كيف عرّف القانون السعودي التشهير؟

عندما يتم كتابة أي بيان يحتوي على معلومات غير صحيحة، ويتم تسويق البيان على أن كل ما فيه هو معلومات صحيحة فيتسبب هذا البيان بالضرر بالشخص الذي نسب إليه ما كتب فيه، وهذا الضرر قد يؤدي لأذى نفسي أو مادي بالإضافة إلى تشويه السمعة.

وقد يستخدم بالإضافة للكلام المنسوب للشخص صور مزيفة له ومقاطع مرئية تم التلاعب بها، وبتطور التكنولوجيا أصبح الموضوع أسهل كما أن التشهي بات يصل لعدد كبير من الناس بوقت قصير عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي بالإضافة للوسائل الإعلانية المقروءة والمسموعة والمرئية.

وبذلك نجد أن الوسائل المستخدمة في التشهير تتعدد وبذلك تتعد أنواع التشهير ومن أكثر الأنواع المنتشرة حديثاً التشهير الالكتروني، وتتعد أنواع التشهير باختلاف محل التشهير فيمكن أن يكون التشهير بالأفراد أو بالشركات أو بالمنتجات …الخ.

متى يشكل الفعل جرم تشهير وما هي ضوابط جريمة التشهير؟

جُرّم التشهير في القانون السعودي في المادة الثالثة من نظام مكافحة جرائم المعلوماتية، ولكن لا يمكن وصف أي فعل بأنه تشهير فلا بد من توفر أركان معينة ليشكل الفعل جرم تشهير، يتمثل الركن المادي بالقيام بالإدلاء بالمعلومات ونشرها وإعلانها بأي طريقة كانت، بينما يتمثل الركن المعنوي بقصد الجاني التشهير بالمجني عليه وإلحاق الضرر به.

وعادة ما يتسبب الجاني بتشويه السمعة للمجني عليه وهذا بديهي لأنه يقوم بتلفيق خبر كاذب وينشره بين الناس بطريقة ما مما يتسبب بضرر في الشخص المنسوب إليه الخبر وهذا لا يحدث إلا إذا كان الخبر يشوه سمعة المجني عليه بين الناس ويفسد صورته الاجتماعية والمهنية.

جريمة التشهير وعقوبتها:

التشهير

لا يختلف رأيان على أن التشهير فعل خالٍ من الأخلاق وينافي الضمير والإنسانية ويلحق ضرر كبير بمن يتعرض له، لذلك كان لا للمشرع السعودي من إلحاق عقوبة مناسبة لمن يقوم بالتشهير وهي الحبس لمدة أقصاها عام بالإضافة لغرامة مالية أو بإحدى العقوبتين بحسب تقدير القاضي.

ومن الجدير بالذكر أن جريمة التشهير لا تقع فقط على الأشخاص وإنما قد تقع أي شركة أو محل تجاري ضحية لتشويه السمعة والتشهير، وكذلك الأمر بالنسبة للمنتجات حتى أن مواقع التواصل الاجتماعي تضج بالتعليقات السلبية الكاذبة والملفقة وهذه ظاهرة غير طبيعية ففي حال كانت البضائع او الشركات أو الأشخاص فعلاً قد تسببوا بضرر للمستهلك او لأي شخص كان فيمكن له أن يلجأ إلى القانون، ومن غير المبرر لأي شخص كان أن يلجأ للتشهير الالكتروني، وهذا ما ارتآه المشرع السعودي فكان محق بتجريم التشهير بالشركات والتشهير الالكتروني وإيقاع العقوبة لمرتكبه للحد من هذه الظاهرة في المملكة العربية السعودية.

تتعدد الأسباب التي تجعل الشخص يقوم بتشويه سمعة شخص آخر فكثيرون يرتكبون فعل التشهير لوجود عداوة شخصية فيسعى الجاني للانتقام، وقد يقدم الفاعل على التشهير بمحاولة للحصول على المال لذلك قد يجتمع وصفي التشهير والابتزاز في جرم واحد.

وقد يقع الجاني ضحية لجهله في القانون فيرتكب فعل التشهير الالكتروني ويقدم على نشر مقطع او كتابة بيان على مواقع التواصل الاجتماعي دون علم منه أن ما يفعله يشكل جريمة تشهير (والجهل بالقانون لا يغفر الجريمة)، في حين نجد أن الكثيرون يجدون بالتشهير طريقاً نحو الشهرة وخاصة إذا كان المشهّر به شخصية مشهورة.

وغير ذلك من الأسباب كالمرض النفسي والفضول وجذب الانتباه، أو الغيرة أو حتى الانقياد بحملات مدفوعة الأجر للنيل من المشهّر به، ولكن لا يوجد سبب يمنع القانون السعودي من محاسبة الجاني وإيقاع العقوبة المناسبة له ورد الاعتبار للمشهّر به.

وبذلك نجد أن تعرض أي منا لجريمة التشهير أمر محتمل ولكن القانون في صف المظلوم ينصفه ويعيد له اعتباره، وكثير من الدول حاربت التشهير بمختلف أشكاله وأسبابه ومن بينها المملكة العربية السعودية وكانت منصفة في القانون والعقوبة، ولكن القانون لا يكفي فالوعي لا بد منه لمساعدة الدول لوضع حد لمثل هذه الظواهر المنتشرة بكل أنحاء العالم، وخير دليل ما حدث مؤخراً مع النجم العالمي جوني ديب الذي رفع قضية تشهير ضد زوجته السابقة وطالب بتعويض عن الضرر الذي تسبب به مقال نشرته في إحدى الصحف، فوقف القانون بجانبه وأعاد له حقه بعد أن تم إثبات جرم التشهير.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *