التحرش
بابل

التحرش

ما الذي يُفقد أي امرأة احترامها لذاتها؟ وما الذي يجعل الأطفال تفقد براءتها؟

الجواب يكمن في فعل واحد يجعل كل من يتعرض له محمّل بثقلٍ كبيرٍ من الشعور بالعار والخجل وهو ذات الفعل الذي يجعل الطفل يفقد براءة الطفولة، وهو التحرش.

انتشار ظاهرة التحرّش في أي مجتمع أمر خطير يهدد أمن المجتمع واستقراره، وينشئ جيل محمل بالعار وفاقد الثقة بنفسه وبمن حوله، فخطورة التحرّش تكمن في آثاره الممتدة إلى المستقبل والتي تضعف من بنية المجتمع، وللأسف فإن كثير من المجتمعات ينتشر بها التحرش بشكل غير مقبول وهذا ما دفع الدول لاتخاذ إجراءات تحد من التحرّش، وكانت المملكة العربية السعودية واحدة من هذه الدول التي خصت التحرش بنظام مكافحة جريمة التحرّش.

 

ولكن ما هو التحرش؟

التحرّش لغةً: تحرَّشَ بـ يتحرَّش ، تحرُّشًا ، فهو مُتحرِّش ، والمفعول مُتحرَّش به، تحرَّش بالشَّخص: تعرَّض له ليهيِّجه ويستفزَّه.

ويختلف التعريف الاصطلاحي عن التعريف اللغوي، فالتحرش كمصطلح هو فعل غير مرحب به من النوع النفسي أو الجنسي أو اللفظي أو الجسدي ينتج عنه إيذاء للمتحرش به.

وبذلك يكون التحرش الجنسي محدد أكثر فهو مرتبط بأفعال لها ايحاءات جنسية، وقد عدّ القانون السعودي كل قول أو فعل يوحي بدلالة جنسية يصدر من شخص إلى آخر فيمس شرفه أو يخدش حياءه هو تحرّش جنسي، واعتمد على ما سبق كتعريف لجريمة التحرش وفق نظام مكافحة جريمة التحرّش في المملكة العربية السعودية.

فرض نظام مكافحة جريمة التحرش في المملكة العربية السعودية عقوبة مشددة على المتحرش

على كل من ارتكب جريمة التحرش، وهي:

السجن لمدة لا تزيد عن سنتين، وغرامة مالية لا تزيد على مائة ألف ريال سعودي أو تفرض إحدى العقوبتين بحسب تقدير القاضي.

 

التحرش

وتشدد عقوبة جريمة التحرش السجن لمدة لا تزيد عن خمس سنوات، وأيضاً غرامة مالية لا تزيد عن ثلاثمائة ألف ريال سعودي، أو احدى العقوبتين.

وذلك بحسب المادة السادسة من نظام مكافحة جريمة التحرش في الحالات الآتية:

  • إذا كان المجني عليه المتعرض للتحرش طفل.
  • إذا كان المجني عليه من ذوي الاحتياجات الخاصة.
  • إن كان الشخص الجاني المتحرش له سلطة على المجني عليه سواء مباشرة أو غير مباشرة.
  • إن حدثت جريمة التحرش في مكان دراسة أو عمل أو إيواء أو رعاية خاصة.
  • إن كان الجاني والمجني عليه من ذات الجنس.
  • إن كان الشخص المجني عليه نائماً أو حتى فاقد للوعي.
  • إن وقعت جريمة التحرش في أي من حالات الكوارث والأزمات أو الحوادث.

ولكن كيف نثبت جريمة التحرش أمام القضاء ليأخذ القانون مجراه؟

يصعب إيجاد دليل على جريمة التحرش لأن غالبية جرائم التحرش تكون بوقت غير متوقع، ولكن لا يمكن تطبيق العقوبة دون التأكد من حدوث الجريمة وهذا يحتاج إلى دليل لتستطيع الضحية أن تشتكي ولتتمكن المحكمة من معاقبة المتحرش لردعه عن فعله

من الممكن الاستعانة بشهادة الشهود الذين كانوا متواجدين وقت حدوث التحرش، وأن يكون الشاهد صادق وأمين وحازم بشأن ما حدث في هذه الواقعة، والشهادة قد تكون أسهل دليل يمكن للضحية الاستعانة به، ولكن أي دليل آخر سيكون مفيد في هذه الحالة وسيؤخذ بعين الاعتبار من قبل القاضي.

ماهي أسباب التحرش الجنسي؟

لا يقوم المتحرش بفعله دون سبب وفي الحقيقة هناك أسباب نفسية للتحرش وبالطبع الاضطراب السلوكي والنفسي لا يبرر للمتحرش ولكن إذا عرف السبب بطل العجب، فقد تكون معرفة الأسباب وعلاجها جزء من الحل.

ولا بد أن الأسباب المؤدية لارتكاب فعل التحرش ليست فقط نفسية، فقد يكون التحرش نتاج تربية غير سليمة أو نتيجة ظروف معينة كما أن للمجتمع دور هام في تفشي ظاهرة التحرش، لاتجاه الرأي المجتمعي للوم الضحية والتبرير للمتحرش وهذا التساهل يجعل المتحرش لا يعي خطورة فعله ويظن أن فعله مبرر.

وكما اختلفت الأسباب فللتحرش أشكال وأنواع مختلفة أيضاً فالتحرش قد يكون تحرش لفظي وهو الأكثر شيوعاً في السعودية والدول العربية يتمثل بألفاظ مسيئة ذات إيحاءات جنسية وهو يسبب أضرار نفسية على المتحرّش به لا تقل عن الأضرار التي يسببها بقية أشكال التحرّش، لذلك كانت عقوبة التحرش اللفظي وفق نظام مكافحة التحرش تستوجب السجن أو الغرامة أو كليهما معاً.

ومن أشكال التحرش أن يتمادى المتحرش بتحرشه إلى لمس جزء من جسد المتحرّش به دون رضاه، وهذا سيِثر على المتحرش به سواء أكان امرأة أو طفل .. الخ مما يجعله يشعر بالخوف وعدم الراحة ويؤثر على سلامته النفسية، وقد عاقب المشرع السعودي التحرش بكافة أشكاله وشدد العقوبة لتكون رادعاً للجاني لشدة تأثير هذه الجريمة على الفرد والمجتمع.

ونجد أن تأثير التحرش على المرأة أو على الطفل كان موضوعاً ناقشته الكثير من حلقات البحث والدراسات ورسائل الماجستير والدكتوراة لما له من عواقب وخيمة تهدد استقرار المجتمع وأمنه وأمانه.

ولا يمكن لنا أن نغفل الحديث عن أحدث شكل للتحرّش في زمن التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي وهو التحرش الالكتروني، فقد شهدت هذه المراقع أساليب جديدة للتحرش كإرسال صور ورسائل وتعليقات مسيئة وغير أخلاقية بإيحاءات تتنافى مع الحشمة والادب، وامتدت هذه الأساليب إلى الدردشات والمنتديات، وهي بالفعل مصدر إزعاج للمتحرّش به وخاصة كونها تخدش حياءه وتصله دون رغبة منه أو رضا فتنتهك حرمته وتقلقه، مما استوجب المشرّع السعودي عدم إغفال ضم هذا النوع إلى جريمة التحرش والمعاقبة عليه كبقية أشكال التحرش.

ولكن لا يمكن للقانون أن يكفي وحده لردع هذه الجريمة فلا بد للضحية من أن تملك الشجاعة لمواجهة المتحرش ومساعدة القانون ليعاقبه، دون أن يوقف المتحرش به ألسنة المجتمع وخجله مما حدث معه، لان المسؤول الوحيد في هذه الظاهرة هو المتحرش ومهما كانت الضحية فلا يجب أن تلام على العكس فالضحية تحتاج المساعدة لتشفى من آثار التحرش وتستعيد توازنها، لا أن تلام وتتعرض لأذى الجلد الذاتي فيزداد الأثر النفسي سوءاً كونها تلوم نفسها على ما لا ذنب لها به.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *