الإبتزاز
كيف تعلم أن ما تتعرض له يشكل جريمة الابتزاز ؟ وكيف لنا أن نتصرف في حال تم ابتزازنامن قبل شخص ما ؟
كم ستصبح علاقاتنا هشة في حال تم انتهاك خصوصيتنا، فللإنسان حرمة ومن حقه أن تحترم خصوصيته، حتى ولو كان قد شارك الكثير من الأمور الخاصة على مواقع السوشال ميديا، فذلك لا يلغي خصوصيته ولا يجعل أسراره متاحة للعلن وعرضة الابتزاز.
إذاً كيف تحمي خصوصيتك فقد تتعرض يوماً للضغط والتهديد من قبل شخص ما حيث يطالبك بأفعال لا تريد القيام بها لقاء ألا ينقذ تهديده بكشف معلومات مرتبطة بخصوصيتك ولا يجوز لأحد معرفتها، حينها ستقع بين أمرين أحلاهما مرّ إما أن تنفذ مطالب هذا الشخص (المبتز) وإما أن تقبل الفضيحة في سبيل عدم الرضوخ للتهديد.
ولكن يجب عليك أن تعلم أن هناك خيار ثالث يمكن لك أن تتخذه في مثل هذه الحالة، فعندما تعلم أن هذا التصرف الذي قام به المهدد يشكل جريمة عدّها المشرع غاية في الخطورة على المجتمع، عندها ستدرك أن القانون سيحميك عند تعرضك لتهديد من هذا النوع، حيث تسمى هذه الجريمة قانوناً “جريمة الابتزاز”.
تعريف الابتزاز في القانون:
فالابتزاز في القانون هو الفعل الذي يقوم من خلاله شخص ما بإجبار شخص آخر على القيام بأمر لا يرغب بالقيام به وذلك بعد تهديده بأمر معين، وجميع القوانين عدّت الابتزاز فعل جرمي ووضعت عقوبات له لردع هذا السلوك بهدف تحقيق الأمان والاستقرا في المجتمع، والقانون السعودي اهتم بوصف دقيق لجريمة الابتزاز وبذل جهداً كبيراً للحد منها ولوضع رادع لها، وسهّل على المواطنين التعامل مع الجريمة وساعدهم لإيجاد حل ينقذهم من براثن تهديدات المبتز، وخاصة وأن هذه الجريمة انتشرت كثيراً في المملكة العربية السعودية فكان لا بدّ من وضع حدّ للمبتزين وإعادة الحقوق للمواطنين.
الابتزاز الالكتروني:
ومن الصور المنتشرة لجريمة الابتزاز، والتي ظهرت بصورة كبيرة مع تطور التكنولوجيا، الابتزاز الالكتروني حيث يعمد الجاني لاستخدام المحتويات التي يحصل عليها عن طريق مختلف الوسائل التكنولوجية على الانترنت سواء أكان المجني عليه هو من أرسلها له أو عن طريق اختراق صفحات خاصة أو دردشات قام بها المجني عليه.
وبذلك يحصل المبتز على معلومات وبيانات حرجة مثل الصور أو مقاطع الفيديو ويقوم بالتهديد بنشر هذه المعلومات في حال عدم تلبية طلبات المبتز، مما يضطر الضحية إلى تنفيذ أوامر المبتز مهما كانت، تحت الإكراه خوفاً من الفضيحة وتشويه السمعة وتنفيذ تهديدات المبتز.
جريمة الابتزاز الإلكتروني في المملكة العربية السعودية:
يتعرض الكثير من المواطنين في المملكة العربية السعودية لمختلف أنواع الابتزاز، وخاصة الابتزاز الالكتروني لذلك خص القانون في المملكة العربية السعودية جريمة الابتزاز بعناية فائقة، ولمساعدة المواطنين لمحاربة هذه الظاهرة والحد منها كما تم تخصيص رقم موحد لهيئة مكافحة الابتزاز وهو 1909.
فالمشرع السعودي وضع تدابير عدة للوقف في وجه المبتز، وذلك لخطورة جريمة الابتزاز ولما يتعرض له ضحاياها من نتائج سلبية وعواقب وخيمة تخل بأمن واستقرار المجتمع.
ماهي أنواع جرائم الابتزاز وفقاً للقانون في المملكة العربية السعودية:
في حال تلقيك تهديد من شخص أو جماعة أو جهة ما بأذيتك إذا تنفذ مطالب تعود بمنفعة لهذه الجهة، نكون هنا أمام جريمة ابتزاز يقوم بها المبتز باستغلالك لتحقيق منفعة له.
لم يحدد القانون السعودي نوع المنفعة في جريمة الابتزاز فقد يطالب المبتز الضحية بإعطائه مبلغ من المال، وقد تكون مطالبه تتعلق باستغلال الضحية جسدياً أو استغلال منصب الضحية الوظيفي مقابل عدم فضح الضحية والسكوت عن المعلومات التي يملكها.
وبذلك نجد أن طرق الابتزاز تختلف بين اتصال هاتفي أو رسائل أو حتى باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي، وتختلف أنواع الابتزاز بحسب مطالب المبتزين بين ابتزاز جنسي، ابتزاز مادي، وابتزاز نفعي لقاء تقديم خدمات مختلفة ومتنوعة، وبما أنه يمكن لأي شخص أن يتعرض للابتزاز والآثار ليست شخصية وإنما تمتد لتشمل المجتمع بأسره، كان لابد من كتابة هذا المقال للتعريف بالابتزاز ولتقديم العون في حال تم التعرض له.
كيف تثبت جريمة الابتزاز في النظام و القانون السعودي؟
جريمة الابتزاز كغيرها من الجرائم لا تعتبر جريمة معاقب عليها إلا عند توافر أركانها ووجود نص صريح يجرم الفعل، فبحسب مبدأ الشرعية فإنه: “لا جريمة ولا عقوبة بغير نص”، وقد تم تجريم الابتزاز في القانون السعودي كما أن نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية السعودي تضمن نص تجريم الابتزاز الإلكتروني، أي أن القانون السعودي اعترف بجريمة الابتزاز وحددها ووضع عقوبات لمرتكبيها.
وبعد النص القانوني الصريح الذي جرم فعل الابتزاز وعاقب عليه، لا بد من الإشارة إلى الركن المادي للجريمة والذي بدونه لا يمكن وصف الفعل بجريمة ابتزاز، والمتمثل بالفعل المادي والنتيجة والعلاقة السببية بينهما، والركن المادي في جريمة الابتزاز يتمثل بطلب المبتز أمراً من الضحية لتقوم به رغماً عنها، وتهديده للضحية بشكل جاد والضغط عليها وإكراهها للقيام بالفعل مجبرة، أي أن الفعل والركن المادي لجريمة الابتزاز في القانون السعودي يتمثل بالتهديد ، الذي ينتج عنه الخوف الذي تشعر به الضحية والذي يؤثر على إرادتها بشكل مباشر فيتيحقق عنصر الإكراه وتُجبر الضحية على تنفيذ ما يريده المبتز حرصاً على رد الأذى والحفاظ على السرية.
كما يجب أن يكون المبتز قاصداً ومدركاً لما يفعله ومختاراً له بإرادته الكاملة لتحقيق النتيجة المتمثلة برضوخ الضحية لطلبات المبتز، ويتم إثبات جريمة الابتزاز باحتفاظ الضحية بكافة الأدلة على ما تهديدات المبتز وما طلبه منه، ويمكن إثبات جريمة الابتزاز بكافة الأدلة ابتداء من الشهود وانتهاء بالإقرار، بالإضافة إلى الرسائل النصية والمحادثات التي قد تدو بين الطرفين.
عقوبة الابتزاز وفق القانون السعودي:
يلعب نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية في السعودية دوراً هاماً في كل ما يتعرض له الشخص لحظة اختراق الحاسب، وكل تبعات هذا الاختراق مع وضع عقوبة مناسبة لكل تصرف بشكل منفرد، مما يسمح للمواطنين في المملكة العربية السعودية اتخاذ كافة الإجراءات القانونية بحق كل من يقوم بأي تصرف مسيء ابتداء بانتهاك الخصوصية وانتهاء بالابتزاز، لذلك كانت عقوبة الابتزاز في السعودية تتراوح بين السجن أو الغرامة أو كليهما معاً، وعادة عقوبة السجن تكون لمدة سنة بينما عقوبة الغرامة تصل إلى خمسمئة ألف ريال سعودي، وللقاضي السلطة التقديرية لإقرار العقوبة المناسبة.
ماذا تفعل عند التعرض للابتزاز ؟
لا بد ان أي شخص يتعرض للابتزاز يكون في موقف لا يحسد عليه ولكن لا بدّ له من التعامل بذكاء مع المبتز ليتمكن من حماية نفسه، وذلك بعدة طرق منها:
- عدم التواصل مع المبتز وعدم إبداء مشاعر الخوف منه، وعدم الرضوخ لمطالبه بسرعة وذلك لأنه لن يكتفي وسيطلب المزيد.
- عدم اعطاءالمبتز ما يريد مهما كان بسيطاً، والمحافظة على كل ما يرسله لك من رسائل أو تسجيلات وكل شيء يتعلق به مهما كان بسيطاً.
- المراوغة وعدم السماح للمبتز بالوصول إليك، وطلب المساعدة من مركز الشرطة أو من محام، ومن الممكن أيضاً التواصل مع الرقم الموحد الذي خصصته إدارة مكافحة الجرئم الالكترونية الخاصة بالابتزاز وذلك عبر الاتصال بالرقم: 1909 (وهو الرقم الخاص بالإبلاغ عن جريمة الابتزاز).
يتلاعب المبتز بك بدون رحمة، لتحقيق منافع ومكاسب مادية ومعنوية ونفعية خدمية له، ضارباً بعرض الحائط إنسانيتك وخصوصيتك، فيستغل أي معلومة ضدك ليهددك بفضحها في حال لم تساعده للوصول لمبتغاه.
لذلك لا بد لأي متعرض لمثل هذا النوع من الجرائم ألا يتغاضى عن هذا السلوك الجرمي الخطير وألا يسكت عنه، فالمبتز يجب أن يفضح لحماية المجتمع منه، لأنك لن تكون ضحيته الأخيرة.